العدد الأولالنشرة الدورية

مقدمة العدد الأول

By July 3, 2021 No Comments

في البدء كان السؤال..  السؤال الذي كان يحرك الإنسان منذ بدء الخليقة لاستكشاف ما يحيط به، بحثًا عن طعامه تارة، وأرض تأويه تارة أخرى، بحثًا عن طريقة يدافع بها عن نفسه، ثم بحثًا عن وسائل تسهل له العيش، وتطور العلم بتطور الأسئلة، فخلف كل اختراع جديد، وكل اكتشاف جديد سؤال، ولولا سؤال حقيقي من عالم أو محب للعلم ما وصلت البشرية إلى هذا الكم الهائل من التقدم العلمي.

ورغم كثافة المعلومات والصور والبيانات ومصادر التعلم المفتوحة في عصرنا الحالي، إلا رغبة الإنسان في التعلم خفتت، وأصبح التعلم فقط من أجل القبول الاجتماعي، أو الحصول على الشهادات والدرجات العالية، وخفتت جذوة التساؤل والفضول الفطري، وأكثر فئة تأثرت بذلك هم الأطفال وخاصة طلاب المدارس الذين تعرضوا لمناهج واختبارات وضغوط تسببت في أن يصبح التعليم بالنسبة للطفل أمر مفروض عليه، لا يشعر بمتعته، مما أثر على مهارات القراءة والكتابة، والثقة بالنفس، ومهارات البحث والاستكشاف والتحصيل العلمي بشكل عام، بالإضافة إلى ما سببته جائحة كورونا  من إغلاق المدارس، وإجراءات الحظر التي خلقت شعورًا بالملل لدى الأطفال، وعدم اهتمامهم بمتابعة دروسهم عن بعد.

من هنا جاءت فكرة مبادرة رحلة تساؤل، وهي مبادرة مجتمعية تطوع فيها أكثر من 50 ميسر وخبير تربوي وكُتاب أطفال وإداريين، مبادرة شارك فيها أطفال من جميع محافظات مصر، قراها وأحيائها النائية ومدنها الكبيرة، في مزيج رائع جمع الأطفال واليافعين في رحلة هدفها تعزيز الدافع الداخلي للتعلم، من خلال إثارة فضولهم، وإطلاقعنانهم ليسألوا أسئلتهم الخاصة بدون قيود أو ضغوط اختبارات، أو خوف من الدرجات، أو قلق من الحكم على مستواه الدراسي.

الكل يسأل بحرية.. تخيل أن تتطلق العنان للأطفال ليسألوا أسئلتهم الخاصة: من أين تأتى الأفكار؟ما الفرق بين عاطفة الأمومة عند الحيوان و الإنسان؟لماذايختلف البشر في استيعابهم للمعلومات؟ ماذا سيحدث إذا انطفأت الشمس؟هل يمكن معرفة فيما تفكر الحيوانات؟

في هذه المبادرة شارك 250 طفل ويافع بأسئلتهم الخاصة، كان السؤال دافع كافً لأن يبحث ويقرأ ويطالع ويستشير متخصصين، أو يعد مقابلات، كي يصل إلى إجابة من أكثر من مصدر، ويفكك سؤاله إلى أسئلة أخرى تساعده على رؤية الموضوع من أكثر من زاوية، باستمتاع وشغف، رصده الأمهات ولاحظوه على أبنائهم، كيف لطفل كان يشعر بالملل ولايريد أن يقرأ أو يتعلم شيئًا، وقد أصبح شغوفًا ليصل إلى إجابة سؤاله.

كان لهذه التجربة أثر كبير ليس على الأطفال فقط، ولكن على الميسرين وأولياء الأمور وفريق العمل، الكل يعيش رحلة من التساؤل، يشعر فيها العقل بالحرية، والتخلص من قيود وهمية فرضتها الفهم الشائع عن التعليم.

نعم يمكن أن نتعلم إذا أردنا، يمكن أن نفهم إذا سألنا.. فالتعلم عن طريق التساؤل لا يحفز الإنسان فقط على تعلم المزيد، ولكن يجعله يعتاد على النظر إلى زوايا متعددة للموضوع أو المشكلة، ينشغل بمحاولة تفسير ما يهتم به والبحث عن إجابة سؤاله، بدلًا عن إثبات وجهة نظره والانتصار لرأيه.هكذا فعل الأطفال واليافعين في رحلة تساؤل، كل طفل اختار سؤالًا، وظل طيلة المدة وتحت إشراف كوكبة رائعة من الميسيرين المتطوعين والخبراء التربويين، يبحث ويستكشف، يتعاون مع زملائه ويشاركهم فضولهم.

تدوينات وقصص من خيالهم تحكي رحلتهم في البحث عن إجابات اسئلتهم، لم يكن الهدف كتابة قصة، فهذه ليست مسابقة لكتابة القصص، ولم يكن الهدف هو الوصول إلى الإجابة المميزة، فهذه ليست مسابقة علمية. ولكن كان الهدف هو تعزيز ملكة التساؤل، وأن يمر الأطفال وأسرهم بتجربة تُظهر لهم كيف يصبح التعلم رحلة مستمرة لا تنقطع إذا حركها السؤال.

مقدمة العدد الأول

إدارة مبادرة رحلة تساؤل